responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 176
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الدِّينُ بِمَعْنَى الدِّيَانَةِ، فَيَكُونُ تَذْيِيلًا لِجُمْلَةِ وَقالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ، لِأَنَّ إِبْطَالَ دِينِ الشِّرْكِ يُنَاسِبُهُ أَنْ لَا يَدِينَ النَّاسُ إِلَّا بِمَا يُشَرِّعُهُ اللَّهُ لَهُمْ، أَيْ هُوَ الَّذِي يُشَرِّعُ لَكُمُ الدِّينَ لَا غَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ الضَّلَالِ مِثْلُ عَمْرو بن لحيي، وَزَرَادَشْتَ، وَمَزْدَكَ، وَمَانِي، قَالَ تَعَالَى: أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [سُورَة الشورى: 21] .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الدِّينُ بِمَعْنَى الْجَزَاءِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَلِكِ يَوْم الدَّين [سُورَة الْفَاتِحَة: 4] ، فَيَكُونُ إِدْمَاجًا لِإِثْبَاتِ الْبَعْثِ الَّذِي يُنْكِرُهُ أُولَئِكَ أَيْضًا. وَالْمَعْنَى: لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَرْجِعُونَ إِلَى غَيْرِهِ وَلَا يَنْفَعُهُمْ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ.
وَالْوَاصِبُ: الثَّابِتُ الدَّائِمُ، وَهُوَ صَالِحٌ لِلِاحْتِمَالَاتِ الثَّلَاثَةِ، وَيَزِيدُ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّالِثِ لِأَنَّهُ تَأْكِيدٌ لِرَدِّ إِنْكَارِهِمُ الْبَعْثَ.
وَتَفَرَّعَ عَلَى هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ التَّوْبِيخُ عَلَى تَقْوَاهُمْ غَيْرَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَّقُونَ إِلَهَ الشَّرِّ وَيَتَقَرَّبُونَ إِلَيْهِ ليأمنوا شرّه.
[53، 54]

[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 53 إِلَى 54]
وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ (53) ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (54)
عَطْفُ خَبَرٍ عَلَى خَبَرٍ. وَهُوَ انْتِقَالٌ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ بِمَصْنُوعَاتِ اللَّهِ الْكَائِنَةِ فِي ذَاتِ الْإِنْسَانِ وَفِيمَا يُحِيطُ بِهِ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ إِلَى الِاسْتِدْلَالِ بِمَا سَاقَ اللَّهُ مِنَ النِّعَمِ، فَمِنَ النَّاسِ مُعْرِضُونَ عَنِ التَّدَبُّرِ فِيهَا وَعَنْ شُكْرِهَا وَهُمُ الْكَافِرُونَ، فَكَانَ فِي الْأَدِلَّةِ الْمَاضِيَةِ الْقَصْدُ إِلَى الِاسْتِدْلَالِ ابْتِدَاءً مَتْبُوعًا بِالِامْتِنَانِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 176
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست